أعلن راشد العريمي الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فوز الدكتور حفناوي بعلي من الجزائر بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الآداب عن كتابه “مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن” (الدار العربية للعلوم ناشرون، لبنان 2007)، ومنح جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع أدب الطفل لقيس صدقي عن كتابه “سوار الذهب” (دار بيج فلب للنشر 2008، الإمارات العربية المتحدة).
وحسب العريمي، “جاء قرار الهيئة الاستشارية للجائزة بمنح بعلي جائزة فرع الآداب عن كتابه “مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن” لما يمثله من إضافة معرفية نقدية للتيارات والمثاقفة في تجلياتها المحدثة في عصر الصورة ووسائل الاتصال المختلفة”.
وتعليقاً على مسوغات فوز كتاب قيس صدقي “سوار الذهب”، قال العريمي: “يقدم الكاتب فيه موضوعا مهما مرتبطاً بالبيئة العربية بصفة خاصة، ويدور حول تربية الصقور وتدريبها، موظفاً تقنية الشريط المصور التي تعتمد على الحوار والتعليقات المختصرة مع ربط اجزاء القصة ببعضها في نسق سردي متصل. كما ينطوي الكتاب على قيم وأخلاق عربية نبيلة مثل إكرام الضيف واحترام الكبار والرفق باليتيم والتكافل الاجتماعي والمحافظة على التراث. ويتميز كذلك بطرافته وسهولة اسلوبه والجمع بين الإفادة والتشويق”.
ومن الجدير بالذكر أن رسومات كتاب “سوار الذهب” نفذت من قبل الثنائي “اكيراهيميكاوا” اصحاب السمعة العالمية المرتبطة برسم القصص اليابانية المصورة وقصص المغامرات لشركة “ناتيندو” للالعاب الالكترونية وقصص “استرو بوي” المعروفة محليا بـ “كوكي” بالاضافة لقصص اخرى شهيرة مثل “اسطورة زيلدا”.
وكانت جائزة الشيخ زايد للكتاب قد أعلنت أسماء فائزيها للدورة الرابعة في فروع التنمية وبناء الدولة والمؤلف الشاب والترجمة والفنون خلال الأسابيع الماضية. فيما تعلن في الخامس عشر من فبراير الجاري نتائج فرع “افضل تقنية في المجال الثقافي النشر والتوزيع”، وستختتم الجائزة دورتها بحفلها السنوي في الثالث من مارس المقبل على هامش فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
صدقي: يكفي اسم زايد
“لم تسعني الفرحة، صرخت، بكيت، ولم أصدق أنني حصلت على جائزة بهذه الأهمية. مهما وصفت مشاعري فلن تسعفني الكلمات”. هكذا تحدث الكاتب قيس صدقي لـ “الاتحاد” فور إعلان فوزه بجائزة أدب الطفل عن كتابه “سوار الذهب”. والسبب، حسب قوله، يرجع إلى كون جائزة الشيخ زايد للكتاب تحمل قيمة معنوية كبيرة جداً لا تفلح العبارة في الإحاطة بها. إنها تحمل اسم زايد، هذا الأب القائد الذي تحدث عنه قيس بمحبة هائلة أنقلها هنا كما تلفظ بها: “الله يشهد.. لو كانت الجائزة بدون أي درهم، كنت سأسعد بها. يكفي أنها تحمل اسم الشيخ زايد. أنا أشعر بأن الإماراتي له تقدير كبير أينما ذهب، وهذه، بعد الله، من صنع الشيخ زايد. هذا الجانب المعنوي والعاطفي من الجائزة مهم جداً بالنسبة إلي”.
لم يتوقع قيس أن يحصل على الجائزة، وإن كان يأمل بذلك، لكن عندما كان يفكر في أهمية الجائزة وكونها باتت طموحاً لكل كاتب، وحجم المنافسة من قبل الكتاب الآخرين، كان الفوز بالنسبة إليه يبدو بعيداً، خصوصاً أنه لا يعرف طبيعة الأعمال الأخرى المتقدمة للجائزة. يقول: “كنت أتخيل كيف سيكون إحساسي لو فزت بالجائزة، لكنني عرفت الآن أن لا شيء بمقدوره أن يخفف وقع الخبر عليّْ ولا حتى توقع الفوز. فعندما عرفت بالخبر لم أتمالك نفسي، ضحكت وصرخت وبكيت من شدة الفرح. كنت وقتها في السيارة فأسرعت إلى البيت، لم أشأ أن أخبر زوجتي بالهاتف بل وجهاً لوجه، وبكت هي الأخرى من الفرح”.
ويعزو قيس هذا الانفعال الشديد إلى أهمية الجائزة ونضجها وما عرف عنها من حياد ورصانة، فضلاً عن أن اللجنة من خيرة الباحثين والكتاب ممن يوثق بهم، ويضيف: “وهي ثقة في محلها”.
وعن كتابه “سوار الذهب” الفائز بالجائزة، وهو أول إصدار له، قال: “بالإضافة إلى الرغبة الداخلية في الإبداع، دفعني إلى الكتابة للطفل الحال التي رأيت عليها الطفل الغربي والطفل العربي، فالغربي مشغول بالكتاب وله حصة في حياته، فيما الطفل العربي مشغول بوسائل أخرى لا تقوم مقام الكتاب ولا يمكنها أن تؤدي دوره كالتلفاز والإنترنت والسينما والألعاب. وهي قضية غالباً ما يقع علينا العتب بشأنها باعتبارنا لم نقدم شيئاً للطفل. من جهتي، قررت أن لا أتكلم بل أن أعمل، وكانت “سوار الذهب” أولى الثمار”.
ولكي تجد قصته/ كتابه هوى لدى الأطفال، ذهب صدقي إلى فن يحمل له الأطفال الكثير من الشغف، وهو فن “المانغا” الياباني الذي يتبعه اليابانيون في كتب الأطفال، والتزم بمعايير هذه الطريقة على مستوى الشكل وحجم الورق، أما المحتوى فهو “عربي بالكامل” كما يقول، والقصة كلها مستوحاة من رياضة القنص بالصقور، وتحمل أبعاداً تعليمية وتثقيفية بطريقة مسلية وممتعة نظراً لحضور الخيال المحبب لدى الطفل. فأفضل طريقة، يضيف صدقي، لمخاطبة الطفل والوصول إليه هي الثقة بذكائه، وفهم عوالمه، وتقديم المعلومة في ثوب مشوق يحث فكره على العمل، فالأطفال لا يحتاجون إلى التلقين”.
وربما يكمن سر نجاح صدقي في إدراكه لعالم الطفل، فهو، حسب قوله، يشعر بأنه طفل، ويحب الأطفال ويحب ملاعبتهم، ويرى أن الكثير مما يقدم للطفل مكتوب من وجهة نظر الكبار لتسلية الصغار، وهذا هو السبب في عزوف الطفل عن الكثير من القصص والكتب التي تتوجه إليه.
بعلي: الجائزة مشرفة
ووصف الأستاذ الدكتور حفناوي بعلي شعوره بعد أن جاءه نبأ فوزه بالجائزة بأنه “شعور يفوق أي وصف”.
وقال: “إن حصولي على هذه الجائزة المهمة، جائزة الشيخ زائد للكتاب فرع الآداب عن كتابي (مدخل في نظرية النقد الثقافي) لا يمكن تقديره بالكلام. أشعر الآن أن الكلمات تخونني، وأن المناسبة والحدث تضيق بهما العبارة، وأعتبر هذا اليوم أسعد يوم تشرق فيه الشمس عليّْ”.
وأضاف: “كم أشعر بالغبطة، وكأن شمس هذا اليوم أشرقت من الغرب، من المغرب العربي. إنني سعيد جداً، وكم أنا ممتنُّ لهذه الجائزة التي لا يمكنني أن أفيها ما تستحقه من الشكر، ولأعضاء لجنتها الموقرة إذ توسموا في الاستحقاق للجائزة”.
وتابع قائلاً “ليس من قبيل المجاملة ولا المبالغة إذا قلت إن هذه الجائزة ذات القيمة العلمية الكبرى تشرف، مثلما شرفتني، الثقافة العربية. كما تشرف بلدي الجزائر وتشرف جملة المثقفين العرب، ومن خلالها وبهذه المناسبة أتمنى المزيد من التوفيق والنجاح للمثقف والباحث العربي، والمزيد من العطاء للثقافة العربية، كما أشكر صحيفة “الاتحاد” على اهتمامها بالشأن الثقافي والعلمي”.
ويناقش بعلي في كتابه الفائز بالجائزة نظرية النقد الثقافي المقارن وأثرها على الدراسات الأدبية الحديثة، مؤكداً أن النقد الثقافي نشاط يشمل جميع المعارف الإنسانية وليس مجالاً معرفياً قائماً بذاته، وأن الناقد الثقافي أو نقاد الثقافة يطبقون المفاهيم والنظريات المتنوعة، مستمدين مواضيعهم من الثقافة الشعبية والحياة اليومية.
ويتطرق الباحث إلى بعض الاتجاهات والمذاهب النقدية الأخرى للماركسية الجديدة أو التاريخانية الجديدة، أحد المنابع والمصادر التي أفاد منها النقد الثقافي، خاصة في جانبها الاجتماعي، وتوجهاتها الأدبية التي تربط الأدب بالمجتمع وبمنطلقاتها في التفسير المادي التاريخي مثل البنية التحتية والفوقية والبرجوازية، الطبقة والاغتراب، ثقافة الاستهلاك والامبريالية الثقافية، الهيمنة والاستنساخ الآلي... ورغم أن الماركسية شوّهت من حيث كونها نظرية اقتصادية وفلسفة سياسة، إلا أنها مازالت في جانبها الثقافي والفكري تصوغ عمل عدد كبير من المشتغلين بالنقد الثقافي وتسيطر على تفكيرهم، لاسيما الأوروبيين منهم.
ويذهب الباحث في كتابه إلى أن النقد النسوي ظهر منذ نحو ثلاثين عاماً، فرعاً من النقد الثقافي الذي يركز على المسائل النسوية، وهو الآن منهج في تناول النصوص والتحليل الثقافي بصفة عامة. ينشغل على مستوى واضح بالمسائل المرتبطة بالجنوسة والخطاب الموجه للمرأة، والنظرة الذكورية في النصوص والقيم والمعتقدات الموجهة في المقام الأول إلى المرأة والكيفية التي قدمت بها المرأة في مثل هذه الأنواع الأدبية.
وفيما يخص العولمة، يرى بعلي أن العولمة تبشر بمرحلة جديدة من تنظيم العلاقات بين البشر هي على النقيض من المرحلة السابقة التي نحن في صدد الخروج منها، أي مرحلة الدولة القومية والانكفاء ضمن الحدود السياسية للدولة كإطار جغرافي للتثمير المادي والروحي عند الجماعات والشعوب المحافظة. ويؤكد أنه “ليس ممكناً فهم العولمة من حيث ديناميكيتها من دون فهم أساسها المتمثل في الثورة العلمية والتقنية المتجسدة بشكل رئيسي في الثورة المعلوماتية وثورة الاتصالات، منطلقة من القاعدة الصناعية”.
ويبسط الكتاب الحديث عن النقد الثقافي بكل أبعاده مبيناً أن التعامل مع النص الأدبي من منظور النقد الثقافي يعني وضع ذلك النص داخل سياقه من ناحية وداخل سياق القارئ أو الناقد من ناحية أخرى، وفي هذا يتحرك الناقد من منطلقات ماركسية تركز على العلاقة بين الطبقات وعلى الصراع الطبقي كعناصر لتحديد الواقع الثقافي، وهكذا يصبح النص علامة ثقافية تتحقق دلالتها فقط داخل السياق الثقافي السياسي الذي أنتجتها.
الفائز بالآداب
حفناوي بعلي كاتب وصحفي وباحث جامعي يشغل منصب أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة عنابة بالجزائر. وهو حاصل على دكتوراه دولة في الآداب والعلوم الانسانية، الدراسات المقارنة والثقافية. حصل على جائزة المدينة والابداع النقدية عام 2002 والجائزة الأولى الدولية في الدراسات النقدية والمسرحية. وهو امين عام جمعية الأدب المقارن الجزائرية. وله العديد من الأعمال المنشورة في الادب والنقد والشعر.
الفائز بأدب الطفل
قيس صدقي من دولة الإمارات العربية المتحدة حاصل على ماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية في الشارقة. له اهتماماته الواضحة بأدب الطفل ولديه اهتمامات في الفنون اليابانية “المانجا” حيث أنتج عددا من الروايات المصورة باللغة العربية